تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ❤️

ما أَكثرُ الضجيجِ وَ أَقلُّ الحَجيجِ!

ما أَكثرُ الضجيجِ وَ أَقلُّ الحَجيجِ!

بقلم: رافع آدم الهاشميّ

الباحث المحقّق الأديب مؤسّس و رئيس مركز الإبداع العالميّ

(كُلُّ عامٍ وَ أَنتُم عَنِ اللهِ أَبعَدُ أَيُّها الْمُنافِقونَ وَ الْمُنافقاتُ)

  • {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَ قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}.

[القُرآنُ الكريمُ: سورة آل عمران/ الآية (167)].

………

جاءَ العيدُ وَ أَيُّ عيدٍ هذا قَد جاءَ؟!

  • أَيُّ عِيدٍ هذا وَ الْمُسلِمونَ جُلُّهُم مُتأَسلِمونَ لا مُسلِمونَ؟!!
  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْمُسلِماتُ جُلُّهُنَّ مُتأَسلِماتٌ لا مُسلماتٍ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ جُلُّ الأَغنياءِ يَفوحُ مِن أَجسادِهِم نتَنُ الزِّنا وَ الْفُحشِ وَ الْفَسادِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَكلُ الْسُحتِ صارَ شطارَةً يتنافَسُ فيها الْمُتنافِسونَ وَ الْمُتنافِساتُ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْفُقراءُ يَفترِشونَ الأَرضَ وَ يتوسَّدونَ الْحِجارَةَ وِسادَةً ينامونَ عَليها تحتَ قُبَّةِ السَّماءِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْحَرائِرُ تُغتَصَبُ في الْسجونِ وَ الْمُعتَقلاتِ على أَيدي الفاسقينَ الأَنجاس؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ رؤوسُ الثائرينَ الأَحرارِ كُرَةٌ تتقاذفُها أَقدامُ الْصِبيانِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الوَطَنُ النازِفُ يتصارَخُ بالأَراملِ وَ الأَيتامِ وَ الشُّهداءِ غيرِ الشُّهداءِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا في وطَنٍ سُلِبَتْ مِنهُ الْحُريَّةُ بالحيلَةِ وَ بالقُوَّةِ قسراً؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْمُضطَهَدونَ يُعانونَ الآلامَ في جَحيمِ الْحِرمانِ بينَ قُضبانٍ قلَعَتْ مِنَ الأَوطانِ ميزاناً اِسمُهُ العَدالة؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ القَضاءُ فضاءٌ لسياطِ الْجَلَّادِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الظالِمُ سالِمٌ وَ الْمَظلومُ يتردَّى إِلى هاويةِ الهلاكِ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الثائرونَ من أَجلِ الْحُريَّةِ وَ العدالةِ وَ تثبيتِ أَركانِ دعائمِ التوحيدِ، مُقيَّدونَ بقيدٍ مُحكَمٍ مِن دُونِ ناصرٍ لَهُم أَو مُعينٍ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الثائِراتُ غَريباتٌ مُبعَداتٌ باكياتٌ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الأُنثى جاريةٌ يتلاعَبُ فيها اللارِجالُ الساديِّونَ الأَوغادُ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ شَريكا الْحَياةِ الزوجيَّةِ يَخونانِ أَحدِهِما الآخَرَ وَ هُما يَدِّعِيانِ الشَّرفَ وَ العَفافَ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الفَضاءُ السَيبريُّ يمتَلئُ بجيفةِ أَقلامِ أَشخاصٍ يظنُّونَ أَنفُسَهُم كُتَّاباً ماهِرينَ وَ هُم لا يعرِفونَ حتَّى التمييزَ بينَ حَرَكةِ الفِعلِ وَ فاعلِهِ وَ مفعولِهِ أَيضاً؟!!!

  • أَيُّ عِيدٍ هذا وَ جُلُّ مَن في الشَّعبِ ذوي العَلاقَةِ أَصبَحَ يَظنُّ نفسَهُ شاعِراً فأَمسى يُمَزِّقُ أَوصالَ النَظمِ العَربيِّ الأَصيلِ بكِتاباتهِ القَميئةِ القَبيحَةِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ في قلوبِ الْمُبتسمينَ غِلٌّ وَ حِقدٌ وَ حسدٌ تجاهَ الأَفضلِ وَ الأَحسنِ منهُم أَيَّاً كانَ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ غالبيَّةُ أَبناءِ الشعبِ يُصفِّقونَ للحاكمِ الفاسقِ الطاغي وَ لا يَقِفونَ كالبُنيانِ الْمَرصوصِ خلفَ الحاكمِ الصادقِ الأَمينِ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ مَن في الشَعبِ يتنصَّلُ من انتمائهِ لحكومتهِ الساعيةِ إِلى صلاحهِ وَ إِصلاحهِ؛ ظنَّاً مِنهُ أَنَّ الارتماءَ في أَحضانِ سُفهاءِ الدِّينِ كهنةِ المعابدِ سيجعَلُهُ يتعشَّى في جَنَّاتِ الْخُلدِ معَ جَدَِّيَ المصطفى الهاشميِّ رسولِ اللهِ (روحي لَهُ الفِداءُ)؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ النَّاسُ الْحمقى يدعونَ اللهَ أَن يحفَظَ مَعبودَهم الْظالِمَ الْمُخادِعَ مِن كهنةِ المعابدِ سُفهاءِ الدِّينِ وَ يُصلِّونَ لَهُ بطولِ الْعُمُرِ الْمَديدِ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَبناءُ الشعبِ يَبيعونَ وطَنَهُم للأَغرابِ؛ من أَجلِ حفنةٍ منَ المالِ لو أُحرِقَتْ ما بقيَ منها غيرَ الرَمادِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَبناءُ الشعبِ يُقَتِّلونَ بعضَهُم بَعضاً؛ بفتوىً فتاها (بَل: فساها) سَفيهٌ مِن سُفهاءِ الدِّينِ وَ كاهِنُ مِن كَهنةِ المعابدِ، وَ القاتِلونَ يظنُّونَ أَنَّ قتلَ إِخوتِهِم وَ أَخواتِهم مِن أَبناءِ وَ بناتِ الوَطنِ الواحِدِ سيجعلُهُم يتمرَّغونَ سريعاً في أَحضانِ الحورِ العِينِ بينَ حدائقِ جنَّاتِ النَّعيمِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ غالبيَّةُ أَبناءِ الشعبِ وَ بناتهِ يُكَفِّرُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُمُ الآخَرَ وَ كأَنَّهُم هُمُ اللهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) الّذي يزَكِّي الأَنفُسَ دُونَ سِواهُ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ جُلُّ الشعبِ اِنسَلَخوا مِن إِنسانيِّتهم الّتي فَطَرَها اللهُ عليها فتركوا عِبادَةَ اللهِ الإِلهِ الخالِقِ الْحَقِّ وَ أَمسوا يَعبدونَ سُفهاءَ الدِّينِ كهنةَ الْمَعابدِ دُونَ رادعٍ أَو وازعٍ قَطّ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ ذوي العَمائمِ وَ اللحى مِن أَهلِ النِّفاقِ وَ الشِقاقِ باتوا يُتاجِرونَ باللهِ وَ بالأَنبياءِ وَ بكُلِّ شَيءٍ دُونَ استثناءٍ فظنَّ الظانُّ أَنَّ فُقهاءَ الدِّينِ الأَخيارِ (رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ) هُم وَ هؤلاءِ الْمُنافِقونَ على حَدٍّ سواءٍ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ جُلُّ الشعبِ قَدِ اختَلَطَتْ عَليهِ الأَوراقُ فصارَ يرى الحَلالَ حراماً وَ الحرامَ حَلالاً وَ أَمسى يرى الحقَّ باطِلاً وَ الباطِلَ حَقَّاً وَ باتَ يظنُّ الأَمينَ خائناً وَ الخائنَ أَميناً، فأَضحى في حابلٍ وَ نابلٍ وَ هُوَ ينحني بخنوعٍ وَ خضوعٍ وَ استسِلامٍ في وابلٍ مِنَ الْجَهلِ الْمُرَكَّبِ تحتَ أَقدامِ سُفهاءِ الدِّينِ كهنةِ المعابدِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ غالبيَّةُ الشَعبِ العَربيِّ باتَ يتنفَّرُ مِن لُغَتهِ وَ لُغةِ آبائهِ وَ أَجدادِهِ العَربيَّةِ الأُمِّ فأَصبحَ يتباهى باِعوِجاجِ لسانهِ حينَ ينطِقُ لُغَةَ الغُرباءِ البُعداءِ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَشباهُ الرِّجالِ (لا الرِّجالِ) يتشبَّهونَ بالنِّساءِ، وَ شَبيهاتُ النِّساءِ (لا النِّساءِ) يتَشبَّهنَ بالرِّجالِ؛ بذريعةِ المساواةِ وَ الْحُريَّةِ الزائفتينِ لا محالة؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَدعياءُ الثقافَةِ مُنبهرونَ بأَكاذيبِ الْمُلحدينَ وَ الْمُلحِداتِ لِمُجرَّدِ أَنَّهُم يحملونَ وَ اَنهُنَّ يَحملنَ جنسيَّةً أَجنبيَّةً يدَّعي حُكّامُ بلادهِم أَنَّهُم مَعَ حقوقِ الإِنسانِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الشعبُ الأَعرابيُّ اللاعربيُّ يُسارِعُ لوأَدِ عُقولِ الْمُفكِّرينَ الأَحرارِ؛ لِمُجرَّدِ أَنَّهُم يحلمونَ جنسيَّةً عربيَّةً أَو إِسلاميَّةً دُونَ سواهُما؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ جُلُّ الشعبِ العَربيِّ غيرَ الخَليجيِّ بدلاً مِن أَن يفرحَ وَ يغبِطَ وَ يتمنَّى لأَخيهِ العربيِّ الخَليجيِّ دوامَ النِّعمةِ لا زوالِها، أَراهُ يحمِلُ في قَلبهِ حِقداً وَ ضغينةً لِكُلِّ إِنسانٍ خَليجيٍّ؛ لِمُجرَّدِ أَنَّ الخَليجيَّ يَعيشُ في اِستقرارٍ وَ رخاءٍ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ في أُمَّةِ العيدِ أُناسٌ كثيرونَ لا يعرفونَ شيئاً عَن: (الماسونيَّةِ) أَو (محاكمِ التفتيشِ) أَو (مُعتَقَلِ جوانتانامو) أَو (عَبَدَةِ الشيطانِ) أَو (طقوسِ الدَّمِ) أَو (الْمقابرِ الْجَماعيَّةِ) أَو (الْكيميتريل)؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ في أُمَّةِ العيدِ أُناسٌ لا يعرفونَ قراءةَ الْقُرآنِ بشكلٍ صحيحٍ؟!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْغالبيَّةُ الْعُظمى مِن أُمَّةِ العيدِ لا يعرفونَ ما معنى الله؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَحذيةُ الكافرينَ الأَنجاسِ وَ الكافراتِ وطأَتْ أَرضَ الْمُسلمينَ وَ الْمُسلماتِ بأَسلحَةٍ فتَّاكةٍ قاتلةٍ تبتغي وأَدَ الإِسلامِ الأَصيلِ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ أَموالُ الْحَجيجِ تتشارَكُ سِرَّاً وَ عَلانيَّةً في قتلِ الأَبرياءِ مَعَ أَموالِ المارقينَ الفاسقينَ قبلَ أَنْ يَدخُلَ أَصحابُها الْحِجَّ وَ حتَّى بعدَ أَن يخرجوا مِنهُ على حَدٍّ سواءٍ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ كهَنةُ المعابدِ يتعانقونَ معَ أَدعياءِ الدِّينِ وَ سُفهائهِ وَ أَذنابهِم وَ أَذيالهم في كُلِّ حَدبٍ وَ صَوبٍ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الأَعارِبُ أَشَدُّ كُفراً وَ نِفاقاً مِنَ الْكُفَّارِ وَ الْمُشركينَ على حَدٍّ سواءٍ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْعَربُ مُشَرَّدونَ في ديارِهِم؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الأَتقياءُ غُرباءٌ مُبعَدونَ مُطارَدونَ؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الحِجُّ لبيتِ اللهِ تعالى أَصبحَ عادةً وَ ليسَ عِبادةً؛ وَ الْجُلُّ يسعى للرياءِ ليسَ إِلّا؟!!!

  • أَيُّ عيدٍ هذا وَ الْحَجيجُ ما بينَ غافِلٍ وَ جاهلٍ وَ مُنافِقٍ، وَ كُلُّ واحدٍ مِن هؤلاءِ ضالٌّ وَ مُضِلٌّ في الوَقتِ ذاتهِ معاً على حَدٍّ سواءٍ؟!!!

يا أَنت! يا رعاك الله! باللهِ عليك أَعطني الجوابَ:

  • جاءَ العيدُ وَ أَيُّ عيدٍ هذا قَد جاءَ؟!

للهِ دَرُّ الشَّاعِرِ أَبي البقاءِ الرنديِّ؛ إِذ قالَ:

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمَّ نُقصانُ

فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ

مَن سَرّهُ زَمَنٌ ساءَتهُ أَزمانُ

وَ هَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ

وَ لا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

يُمَزِّقُ الدَّهرُ حَتماً كُلَّ سابِغَةٍ

إِذا نَبَت مَشرَفِيِّاتٌ وَ خرصانُ

وَ يَنتَضي كُلّ سَيفٍ للفَناءِ وَ لَو

كانَ ابنَ ذي يَزَن وَ الغِمدُ غِمدانُ

أَينَ الْمُلوكُ ذَوي التيجانِ مِن يَمَنٍ

وَ أَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَ تيجَانُ؟!

وَ أَينَ ما شادَهُ شَدَّادُ في إِرَمٍ

وَ أَينَ ما ساسَهُ في الفُرسِ ساسانُ؟!

وَ أَينَ ما حازَهُ قارونُ مِن ذَهَبٍ

وَ أَينَ عادٌ وَ شدَّادٌ وَ قَحطانُ؟!

أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدَّ لَهُ

حَتّى قَضوا فَكَأَنَّ القَومَ ما كانُوا

وَ صارَ ما كانَ مِن مُلكٍ وَ مِن مَلكٍ

كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيفِ وَسنانُ

دارَ الزَّمانُ عَلى دارا وَ قاتِلِهِ

وَ أَمَّ كِسرى فَما آواهُ إِيوانُ

كَأَنـَّما الصَعبُ لَمْ يَسهُل لَهُ سبَبٌ

يَوماً وَ لا مَلَكَ الدُّنيا سُلَيمانُ

فَجائِعُ الدَّهرِ أَنواعٌ مُنَوَّعَةٌ

وَ لِلزَّمانِ مَسرَّاتٌ وَ أَحزانُ

وَ لِلحَوادِثِ سِلوانٌ يُهوِّنُها

وَ ما لِما حَلَّ بِالإِسلامِ سِلوانُ

دهى الجَزيرَةَ أَمرٌ لا عَزاءَ لَهُ

هَوَى لَهُ أُحُدٌ وَ اِنهَدَّ ثَهلانُ

أَصابَها العَينُ في الإِسلامِ فاِرتَزَأَتْ

حَتَّى خَلَتْ مِنهُ أَقطارٌ وَ بُلدانُ

فاِسأَل بَلَنسِيةً ما شَأَنُ مرسِيَةٍ

وَ أَينَ شاطِبةُ أَمْ أَينَ جيَّانُ؟!

وَ أَينَ قُرطُبَةُ دارُ العُلُومِ فَكَمْ

مِن عالِمٍ قَد سَما فِيها لَهُ شانُ؟!

وَ أَينَ حِمصُ وَ ما تَحويِهِ مِن نُزَهٍ

وَ نَهرُها العَذبُ فَيَّاضٌ وَ مَلآنُ؟!

قَوَاعِدٌ كُنَّ أَركانَ البِلادِ فَما

عَسى البَقاءُ إِذا لَمْ تَبقَ أَركانُ

تَبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَـفٍ

كَما بَكى لِفِراقِ الإِلفِ هَيمَانُ

عَلى دِيارٍ مِنَ الإِسلامِ خالِيَةٍ

قَد أَقفَرَتْ وَ لَها بالكُفرِ عُمرانُ

حَيثُ الْمَساجِدُ قَد صارَت كَنائِسَ ما

فيهِنَّ إلَّا نَواقِيسٌ وَ صُلبانُ

حَتَّى الْمَحاريبُ تَبكي وَ هيَ جامِدَةٌ

حَتّى الْمَنابِرُ تَبكي وَ هيَ عيدَانُ

يا غافِلاً وَ لَهُ في الدَّهرِ مَوعِظَةٌ

إِنْ كُنتَ في سِنَةٍ فالدَّهرُ يَقظانُ

وَ ماشِياً مَرِحاً يُلهِيهِ مَوطِنُهُ

أَبَعدَ حِمص تَغُرُّ الْمَرءَ أَوطانُ؟!

تِلكَ الْمُصِيبَةُ أَنسَتْ ما تَقَدَّمَها

وَ ما لَها مِن طِوَالِ الْمَهرِ نِسيانُ

يا أَيُّها الْمَلكُ البَيضاءُ رايَتُهُ

أَدرِك بِسَيفِكَ أَهلَ الكُفرِ لا كانوا

يا راكِبينَ عِتاقَ الخَيلِ ضامِرَةً

كَأَنـَّها في مَجالِ السَبقِ عُقبانُ

وَ حامِلينَ سُيُوفَ الهِندِ مُرهَفَةً

كَأَنـَّها في ظَلامِ النَقعِ نيرَانُ

وَ راتِعينَ وَراءَ البَحرِ في دِعَةٍ

لَهُم بِأَوطانِهِم عِزٌّ وَ سلطانُ

أَعِندَكُم نَبَأٌ مِن أَهلِ أَندَلُسٍ

فَقَد سَرى بِحَدِيثِ القَومِ رُكبَانُ

كَمْ يَستَغيثُ بِنا الْمُستَضعَفُونَ وَ هُم

قَتلى وَ أَسرى فَما يَهتَزُّ إِنسانُ!

ماذا التَقاطعُ في الإِسلامِ بَينَكُمُ

وَ أَنتُم يا عِبَادَ اللَهِ إِخوَانُ؟!!

أَلا نُفوسٌ أَبيِّاتٌ لَها هِمَمٌ

أَما عَلى الخَيرِ أَنصارٌ وَ أَعوانُ

يا مَن لِذلَّةِ قَومٍ بَعدَ عِزَّتهِم

أَحالَ حالَهُم كفرٌ وَ طُغيانُ

بِالأَمسِ كانُوا مُلُوكاً فِي مَنازِلهِم

وَ اليَومَ هُم في بِلادِ الكُفرِ عُبدانُ

فَلَو تَراهُم حَيارى لا دَلِيلَ لَهُم

عَلَيهِم مِن ثيابِ الذُلِّ أَلوانُ

وَ لَو رَأَيتَ بُكاهُم عِندَ بَيعِهِمُ

لَهالَكَ الأَمرُ وَ اِستَهوَتكَ أَحزانُ

يا رُبَّ أُمٍّ وَ طِفلٍ حيلَ بينهُما

كَما تُفَرَّقُ أَرواحٌ وَ أَبدانُ

وَ طفلَةٍ مِثلَ حُسنِ الشَمسِ إِذ برزتْ

كَأَنـَّما هيَ ياقُوتٌ وَ مُرجانُ

يَقُودُها العِلجُ لِلمَكروهِ مُكرَهَةً

وَ العَينُ باكِيَةٌ وَ القَلبُ حَيرانُ

لِمثلِ هَذا يَبكِي القَلبُ مِن كَمَدٍ

إِنْ كانَ في القَلبِ إِسلامٌ وَ إِيمانُ.

أَقولُ:

مِمَّا لا شكَّ فيهِ عنديَ مُطلَقاً، أَنَّ غالبيَّةَ الْحَجيجِ (إِن لَم يكُن جَميعُهُم اليومَ مِن هؤلاءِ الغافلينَ الجاهلينَ الْمُنافقينَ) ذكوراً وَ إِناثاً، ما تقبَّلَ اللهُ منهُم رياءَهُم وَ منهُنَّ ريائِهنَّ هذا، بغَضِّ النظرِ عَن الطائفةِ الَّتي ينتمونَ وَ ينتميَنَّ إِليها، فوَ الّذي بعثَ جدِّيَ الْمُصطفى بالحقِّ نبيَّاً (روحي لَهُ الفِداءُ):

لذا أَقولُ لهؤلاءِ وَ مَن هنَّئهُم بالعيدِ هذا:

  • كُلُّ عامٍ وَ أَنتُم عَنِ اللهِ أَبعَدُ أَيُّها الْمُنافِقونَ وَ الْمُنافقاتُ.

وَ أَمَّا الصادِقونَ وَ الصادِقاتُ (وَ هُم قليلٌ وَ قَليلاتٌ مِنَ الآخَرينَ كالكبريتِ الأَحمَرِ نادرِ الوُجودِ) فأَقولُ لَهُم وَ لَهُنَّ أَيضاً:

  • كُلُّ عامٍ وَ أَنتُم إِلى اللهِ أَقرَبُ أَيُّها الصادِقونَ وَ الصادِقاتُ.

معلومَةٌ:

صاحِبُ القصيدةِ أَعلاهُ هُوَ الشاعِرُ أَبو البقاءِ صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أَبي القاسم بن عليّ بن شريف الرنديّ الأَندلسيّ، من أَبناء (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وَ إِليها نسبته، وَ هُوَ من حفَظَة الحديثِ وَ الفُقهاءِ، وَ قَد كانَ بارعاً في نظمِ الكلامِ وَ نثرهِ، وَ كذلكَ أَجادَ في المدح وَ الغزلِ وَ الوصفِ وَ الزهدِ، توفّي رحمةُ الله تعالى عليهِ سنة (684هـ/ 1285م)، وَ قصيدتهُ المذكورةُ أَعلاهُ تُعرَفُ باسمِ: (مرثيَّة الأندلس)، وَ هي تتألَّفُ من (43) ثلاثٍ وَ أَربعينَ بيتاً، تمَّ سردها بتمامها في أَعلاهُ.

………

  • {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ، كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.

[القُرآن الكريم: سورة التوبة/ الآيات (67 – 69)].

تعليقات الفيسبوك
الرابط المختصر :

أضف رأيك و شاركنا بتعليقك

الإنضمام للجروب
صفحات نتابعها
الأكثر قراءة
مختارات عالم الفن
شخصيات عامة