تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ❤️

سؤالٌ خَطيرٌ جدَّاً بحاجةٍ منك إِلى إِجابةٍ

سؤالٌ خَطيرٌ جدَّاً بحاجةٍ منك إِلى إِجابةٍ

بقلم ….رافع آدم الهاشميّ

 سَمِعوا وَ/ أَو قَرءوا عِبارَةَ:- (التَكبُّرُ عَلى الْمُتكَبِّرِ عِبادَةٌ)..

وَ بالرُغمِ مِنْ أَنَّ هذهِ الْمَقولَةَ لَيسَتْ حَديثاً نبويَّاً شَريفَاً، أَو عَلى الأَقَلِّ أَنَّها لَم تثبُتُ سَندَاً عَنِ النبيِّ (جَدِّيَ) الْمُصطفى الأَمينِ رَسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عَليهِ وَ على آلهِ وَ أَصحابهِ وَ سلّمَ تسليماً كثيراً وَ رُوحي لَهُ وَ لآلهِ وَ جميعِ أَصحابهِ الأَطهار الفِداءُ)، إِلَّا أَنَّ جَميعَ الْعُقَلاءِ في كُلِّ زمانٍ وَ مَكانٍ، وَ جَميعَ الْعُلَماءِ الْمُتَخصِّصينَ بتفسيرِ آياتِ الْقُرآنِ الْكَريمِ وَ الْمُتخصِّصينَ بالأَحاديثِ النبويَّةِ الشَّريفَةِ وَ الفِقهِ الإِسلاميِّ الأَصيلِ، بَل وَ جَميعَ ذوي الْعِلْمِ كافَّةً مِن جَميعِ الطوائِفِ أَيَّاً كانوا، أَجمَعوا إِجماعَاً شامِلاً عَلى صِحَّةِ هذهِ الْمَقولَةِ مِن حَيثُ الْمُنطِقِ الْعَقليِّ وَ الدَلالَةِ الواقعيَّةِ ذاتِ الأَثرِ الواقِعيِّ الْمَلموسِ جُملةً وَ تَفصيلاً..

لِذا: فهِيَ عِبارَةٌ مَشهورَةٌ عَلى أَلسُنِ النَّاسِ كافَّةً، وَ قَد اِشتهرَتْ هذهِ الْعِبارةُ بلفظها المذكورِ سَلفاً، وَ بأَلفاظِ أُخرى قَريبَةٍ مِنهُ، مِثل:

– (الْتَكَبُّرُ عَلى الْمُتَكَبِّرِ حَسَنَةٌ)..

وَ:

– (الْتَكَبُّرُ عَلى الْمُتكَبِّرِ صَدَقَةٌ)..

فَهِيَ عِبارَةٌ صَحيحَةٌ مِنَ حَيثُ الْمَنطقِ الْعَقليِّ وَ لَيسَتْ حَديثاً نبويَّاً شريفاً؛ كما ذكرَ ذلكَ الْعَجلونيُّ في كِتابهِ (كَشفُ الْخَفاء)؛ إِذ لَيسَ الْكِبَرُ حينئذٍ كِبَرَاً، بَل سُمِّيَ تَكَبُّرَاً؛ مِن بابِ الْمُشاكَلَةِ بينَ الْشيئينِ الْمُتشاكِلَينِ، فقَط لا غير، وَ لأَجلِ ذلكَ قالَ صاحِبُ كِتابِ (بَريقَةٌ مَحمُوديَّةٌ):

“الْتَكَبُّرُ عَلى الْمُتَكَبِّرِ صَدَقَةٌ؛ لأَنَّهُ إِذا تواضَعتَ لَهُ تمادَى في ضَلالهِ، وَ إِذا تَكَبَّرتَ عَليهِ تَنَبَّهَ، وَ مِن هُنا قالَ الشافعيُّ: (تكبَّر عَلى الْمُتَكَبِّرِ مَرَّتينِ)، وَ قالَ الزهريُّ: (الْتَجَبُّرُ عَلى أَبناءِ الدُّنيا أَوثقُ عُرى الإِسلامِ)، وَ عَن أَبي حَنيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: (أَظلَمُ الْظالمينَ مَن تواضَعَ لِمَن لا يَلتَفِتُ إِليهِ)، وَ قِيلَ: قَد يَكونُ الْتَكَبُّرُ لتنبيهِ الْمُتَكَبِّرِ لا لِرفعَةِ الْنَّفسِ فيكونُ مَحموداً، كالْتَكَبُّرِ عَلى الْجُهلاءِ وَ الأَغنياءِ، قالَ يَحيى بن معاذ: (الْتَكَبُّرُ عَلى مَن تَكَبَّرَ عَليكَ بمالِهِ تواضُعٌ)”.

[“ما بين حاصرتين كذا وردَ في الأَصل”]

وَ قَد ذَكرَ الْمِنَّاويُّ هذهِ الْعِبارَةَ في كِتابهِ (فَيضُ الْقَديرِ) ضِمنَ جُملَةٍ مِنَ الأَخلاقِ الْحَسنَةِ، إِذ قالَ:

“حاوَلَ بَعضُهُم جَمعَ الأَخلاقِ الْحَسنةِ فَقالَ: الإِحسانُ وَ الإِخلاصُ وَ الإِيثارُ وَ إِتِّباعُ الْسُنَّةِ وَ الاِستِقامَةُ وَ الاِقتِصادُ في الْعِبادَةِ وَ الْمَعيشَةِ وَ الاِشتِغالُ بعَيبِ النَّفسِ عَن عَيبِ النَّاسِ وَ الإِنصافُ وَ فِعلُ الرخصِ أَحياناً وَ الاِعتقادُ معَ التسليمِ وَ الافتِقارُ الاختياريُّ وَ الإِنفاقُ بغيرِ تقتيرٍ وَ إِنفاقُ المالِ لِصيانةِ الْعِرضِ وَ الأَمرُ بالمعروفِ وَ تجنّبُ الْشُبهَةَ وَ اِتِّقاءُ ما لا بأَسَ بهِ لِما بهِ بأَسٌ وَ إِصلاحُ ذاتِ الْبَينِ وَ إِماطَةُ الأَذى عَنِ الْطَريقِ وَ الاِستشارَةُ وَ الاِستِخارَةُ وَ الأَدَبُ وَ الاِحترامُ وَ الإِجلالُ لأَفاضلِ الْبَشرِ وَ الأَزمِنةِ وَ الأَمكِنةِ وَ إِدخالُ السرورِ على الْمؤمِنِ وَ الاِسترشادُ وَ الإِرشادُ بتربيةٍ وَ تعليمٍ وَ إِفشاءُ السَّلامِ وَ الاِبتداءُ بهِ وَ إِكرامُ الْجارِ وَ إِجابَةُ السائلِ وَ الإِعطاءُ قَبلَ السؤالِ وَ اِستِكثارُ قَليلِ الْخَيرِ مِنَ الْغَيرِ وَ اِحتِقارُ عَظيمِهِ مِن نفسِهِ وَ بَذلُ الْجَاهِ وَ الْجُهدِ وَ الْبـِشرُ وَ الْبَشاشَةُ وَ التواضُعُ وَ الْتوبةُ وَ التعاونُ عَلى البرِّ وَ التَّقوى وَ التؤدَّةُ وَ التأَنِّي وَ تدبيرُ المنزلِ وَ الْمَعيشَةِ وَ الْتَفَكُّرُ وَ الْتَكَبُّرُ عَلى الْمُتَكَبِّرِ”.

[“ما بين حاصرتين كذا وردَ في الأَصل”]

إِذاً: فهذهِ الْعِبارَةُ صَحيحَةٌ بمعناها، واقعيَّةٌ بآثارِها، حتَّى أَنَّ الْخالِقَ بنفسِهِ قَد أَقرَّ بأَنَّ مكانَ الْمُتكَبِّرينَ هُوَ نارُ جهنَّمٍ خالدينَ فيها أَبداً؛ إِذ قالَ (كما قيلَ أَنَّهُ هكذا قَد قالَ):

– {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}..

[القُرآنُ الكريم: سورة النحل/ الآيتان (28 و29)].

وَ هذا بديهيٌّ مِمَّا تتطلّبُهُ الَعدالَةُ بتطبيقاتها؛ حيثُ أَنَّ الْمُتَكَبِّرَ قَد تكَبَّرَ عَلى الآخرينَ وَ بتكبُّرِهِ عَليهم أَدَّى إِلى إِيقاعِ الْظُلمِ عَليهم، وَ بإِيقاعِ الْظُلمِ عليهم أَدَّت تداعياتُ هذا الْظُلمِ إِلى حدوثِ وهنٍ وَ خَللٍ واضحٍ في جَميعِ مفاصلِ حياةِ الْمَظلومينَ الّذينَ وقعَ عَليهم هذا الْظُلمُ الفادِحُ السافِرُ الّذي لا يُقبَلُ الْمَغفِرَةَ مِنَ الْمَظلومينَ أَبداً..

إِلَّا أَنَّ السؤالَ الْمُهِمَّ هُوَ التالي:

– إِذا كانَ الْتَكَبُّرُ صِفةً مُشينةً إِلَّا عَلى الْمُتكبِّرينَ، فلماذا يتَّصِفُ اللهُ بالْتَكَبُّرِ وَ في الوَقتِ ذاتهِ يُقِرُّ هُوَ بأَنَّ مكانَ الْمُتكَبِّرِ هُوَ النَّارُ؟!!!

إِذ:

يَقولُ اللهُ، أَو هكذا قيلَ أَنَّ الله يَقولُ، في كتابهِ الحَكيمِ، أَو هكذا قيلَ أَنَّهُ كتابه الحكيم، القُرآن الكريم:

– {هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}..

[القُرآن الكريم: سورة الحشر/ الآية (23)].

ما يُطرَحُ على طاوِلةِ السؤالِ للبحثِ وَ التحقيقِ وَ التدقيقِ؛ بُغيةَ الوصولِ إِلى الْحَقائقِ بمصافِّها، هُوَ:

– على مَن يتكبَّرُ اللهُ؟!!!

– وَ لماذا يتكبَّرُ اللهُ أَصَلاً؟!!!

– وَ إِذا كانَ مكانُ الْمُتكَبِّرِ هُو النَّارُ أَفهَل يَكونُ مكانُ اللهِ هُوَ النَّارُ أَيضاً؛ لأَنَّهُ هُوَ مِنَ الْمُتكَبِّرينَ وَ قد أَقرَّ بنفسِهِ بذلكَ صراحَةً؟!!!!

– أَمْ أَنَّ اللهَ يُقِرُّ شيئاً وَ لا يَعمَلُ هُوَ بهِ و في الوقتِ ذاتهِ يُريدُ مِنَ الآخرينَ أَنْ يَعملوا بهِ طوعاً أَو كَرهاً؟!!!

فإِنْ كانَ كذلكَ، فهَل يكونُ اللهُ مِن مصاديقِ البيتِ الشِّعريّ التالي الّذي قالَهُ أَبو الأَسودِ الدؤليُّ؟!:

لا تنهَ عَن خُلُقٍ وَ تأَتيَ مثلَهُ

عارٌ عَليكَ إِذا فَعلتَ عَظيمُ

– وَ هَل لأَنَّ الْمُجحِفينَ باللهِ قَد تكَبَّروا عليهِ بعدَمِ تطبيقِهم أَوامرهِ الواردةِ في الْقُرآنِ الكريمِ كانَ سبباً مَنطقيَّاً في جعلِ اللهِ يُعطيهم الْقُدرةَ الْمُطلَقةَ في الحياةِ على فِعلِ ما يشاؤونَ وَ مِن بينِ فعلهم هذا إِيقاعُ الْظُلمِ على الآخرينَ أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا دُونَ حسابٍ أَو عِقابٍ مِنَ الله؟!!!

– وَ هَل لأَنَّنا نحنُ الْموحِّدونَ وَ الْموَحِّداتُ باللهِ لَمْ نتكَبَّر على عبادَةِ اللهِ فأَطعنا أَوامِرَهُ وَ التزمَنا بها جُملَةً وَ تفصيلاً فكانَ عدَمُ تكبُّرِنا على اللهِ سبباً مَنطقيَّاً لإِجحافِ اللهِ بنا وَ سلبهِ الْقُدرةَ مِنَّا على منعِ إِيقاعِ الْظُلمِ عَلينا أَو حتَّى على رفعهِ عنَّا وَ بالتالي أَصبحنا نحنُ الموحِّدونَ وَ الموحِّداتُ باللهِ في أَسوءِ حالٍ مِن حالاتِ العيشِ البائسِ اللعينِ في هذهِ الدُّنيا عَديمةِ الإِنصافِ وَ عديمةِ العدالة؟!!!!

إِذ أَنَّ اللهَ هُوَ الْمُتكَبِّرُ، وَ إِذ أَنَّ الْتَكبُّرَ عَلى الْمُتكَبِّرِ عبادَةٌ وَ صَدقَةٌ وَ حسنةٌ، بل وَ أَنَّ الْتَكبُّرَ على الْمُتكَبِّرِ سلوكٌ منطقيٌّ عَقلانيٌّ صَحيحٌ؛ يوجِبَ تنبيهَ الْمُتكَبِّرِ على أَخطاءِ سلوكيِّاتهِ، لذلكَ: فإِنَّ تكبُّرَ الْمُجحفينَ بطاعةِ اللهِ يَكونُ سلوكاً منطقيَّاً صحيحاً، وَ بالتالي: جعلَ إِجحافَهُم هذا يضعونَ اللهَ أَمام تنبيهٍ واضحٍ بأَنَّ سلوكيّاتهُ تجاهَهُم هيَ سلوكيّاتٌ غيرُ صَحيحَةٍ، وَ بالتالي: أَعطاهُم اللهُ الْقُدرةَ على فعلِ كُلِّ ما يشاؤونَ جُملةً وَ تفصيلاً، دُونَ رادعٍ مِنهُ يردعهُم عَمَّا يَفعلونَ، حتَّى وَ إِنْ أَدَّى فِعلُهم هذا إِلى إِراقَةِ دماءِ الأَبرياءِ وَ هتكِ أَعراضِ الطاهراتِ وَ اِغتصابِ حقوقِ الآخرينَ أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا!!!

أَمَّا نحنُ الْموحِّدونَ باللهِ وَ الْمُوحِّداتُ بهِ، فقَد أَطعناهُ طاعةً عمياءً مُطلَقةً، وَ بالتالي: أَصبَحَتْ طاعَتُنا للمُتَكبِّرِ شَيناً عَلينا لا زَيناً لنا، مِمَّا أَدَّى عدَمُ تكبُّرِنا على الْمُتكبِّرِ الّذي هُوَ اللهُ أَنْ يُجحِفَ اللهُ بنا نحنُ الّذينَ أَطعناهُ وَ لَم نتكبَّر عَليهِ، لِذا: فقَد سَلبَ اللهُ (الْمُتَكَبِّرُ) مِنَّا الْقُدرةَ على العَيشِ باستقرارٍ وَ رخاءٍ، على عَكسِ ما أَعطاهُ اللهُ (الْمُتَكَبِّرُ) لِمَنْ أَجحفوا بطاعتهِ وَ تكبَّروا عَليهِ، مِمَّا أَدَّى عَدمُ تكبُّرنا على اللهِ (الْمُتَكَبِّرُ) إِلى أَنْ يتركَ اللهُ دفاعَهُ عنَّا، بل وَ كذلكَ يسلُبُ مِنَّا كُلَّ مقوِّماتِ الحياةِ وَ أَساسيَّاتها وَ نعيمها مِنَ الّتي أَعطاها هُوَ بذاتهِ إِلى الْمُتكبِّرينَ عَليهِ!!!

فإِنْ كانَ لنا في اللهِ أُسوةٌ حسنةٌ؛ باعتبارِ أَنَّ اللهَ هُوَ الآمِرُ الأَعلى الواجِبُ الإِتِّباعِ، توجَّبَ عَلينا أَنْ نتَكبَّرَ عَلى اللهِ وَ نُجحِفُ بطاعتنا إِيَّاهُ؛ لِكَي يُعطينا اللهُ (الْمُتَكَبِّرُ) كافَّةَ حُقوقِنا وَ اِستحقاقاتنا الواجبةِ عَليهِ تجاهَنا في هذهِ الحَياةِ، أُسوَةً بما فَعلَ مَعَ الْمُتكبِّرينَ عَليهِ، وَ بالتالي: فإِنَّ السلوكَ المنطقيَّ الصحيحَ يكونُ هُوَ سلوكُ العاصينَ للهِ؛ لأَنَّهُم عَلِموا مُسبَقَاً أَنَّ الْتًكَبُّرَ عَلى الْمُتكبِّرِ صِفَةُ الْعُقلاءِ، أَمَّا طاعَةُ الْمُتكَبِّرِ فَهِيَ صِفةُ الْجُهلاءِ لا الْعُقَلاءِ، لِذا: أَصبَحنا نحنُ الموحِّدونَ وَ الْموحِّداتُ باللهِ في الدَرَكِ الأَسفَلِ مِن عَذاباتِ الحَياةِ وَ اِنتهاكاتِ الآخرينَ لنا وَ عَدمِ دفاعِ اللهِ عنَّا؛ لأَنَّنا وَ بكُلِّ بساطَةً لَم نتِّخِذ السلوكَ المنطقيَّ العقلائيَّ الصحيحَ الّذي يوجِبُ علينا (بداهةً) أَنْ نتكبَّرَ على الْمُتكبِّرِ عَلينا، وَ بذلكَ: حَصلنا نحنُ الجُهلاءُ على نتائجِ سلوكيِّاتنا الخاطئةِ هذهِ، فيما حصلَ أُولئكَ الْعُقلاءُ على نتائجِ سلوكيِّاتهم الصحيحةِ المنطقيَّةِ تلكَ، وَ هذا بحذافيرِهِ يَكونُ حُكمَاً مَنطقيَّاً عادِلاً لِكِلا الفَريقَينِ: فَريقُ الْجُهلاءِ الْمُطيعينَ للهِ (الْمُتَكَبِّرِ) مِنَ الموحّدينَ وَ الموحِّداتِ الّذين لَم يتكبَّروا على الْمُتكبِّرِ الّذي هُوَ اللهُ ذاتهُ، وَ فَريقُ الْعُقَلاءِ العاصينَ للهِ (الْمُتَكَبِّرِ) مِنَ الكافرينَ وَ الكافراتِ وَ المنافقينَ وَ الْمُنافقاتِ الّذينَ تكبَّروا على الْمُتكبِّرِ الّذي هُوَ الله!

وَ إِنْ لَم يَكُن لنا في اللهِ أُسوةٌ حَسنةٌ، وَ بالتالي: أَنَّ اللهَ ليسَ هُوَ الآمِرُ الأَعلى الواجِبُ الإِتِّباعِ، توجَّبَ عَلينا جميعنا نحنُ البشرُ كافَّةً، أَنْ نتكبَّرَ على اللهِ وَ نعصيهُ جُملةً وَ تفصيلاً؛ لأَنَّ أَوامِرَهُ آنذاكَ لن تكونَ أَوامِرَ إِلهٍ خالقٍ عادلٍ يُريدُ إِحقاقَ الحقِّ لمخلوقاتهِ، وَ إِنَّما ستكونُ أَوامِرَ موجودٍ مُتكبِّرٍ يُريدُ تحقيقَ غاياتهِ هُوَ فقَط لا غير على حسابِ غاياتِ الآخَرينَ، خاصَّةً على حِسابنا نحنُ الْمُوحّدينَ وَ الْمُوحِّداتِ الّذينَ لا نتكبَّرُ عَليهِ وَ نواصِلُ طاعتنا العَمياءَ لَهُ في جَميعِ مَفاصلِ حياتنا!!!

فإِنْ قالَ قائِلٌ:

– إِنَّ اللهَ عادلٌ وَ لا يُمكِنُ للعادِلِ إِلَّا أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُعطي كُلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ.

قُلتُ مُجيباً لَهُ لا عَنهُ:

– إِذاً: فإِنَّ العادِلَ لَنْ يتكَبَّرَ مُطلَقاً، بل أَنَّ صِفةَ العادِلِ هيَ التواضُعُ دائماً وَ أِبداً، وَ عَليهِ: فإِنَّ هذا الّذي بين أَيدينا اليومَ مِمَّا قيلَ أَنَّهُ هُوَ كتابُ اللهِ وَ اِسمُهُ (القُرآنُ الكريم) هُوَ ليسَ كِتابُ اللهِ الصحيحِ الّذي أَنزلَهُ على قلبِ نبيِّه الْمُصطفى الأَمينِ مُحمَّدٍ الهاشميِّ (جَدِّيَ الحَبيب روحي لَهُ الفِداءُ) أَو أَنَّ ما فيهِ قَد وصلَتْ إِليهِ يَدُ التلاعُبِ الشيطانيَّةِ خلالِ القرونِ الْمُمتدَّةِ مُنذُ لحظةِ نزولِ ذلك القُرآنِ الصحيحِ وَ حتَّى وصلَ إِلينا بشكلهِ الْمُتناقِضِ هذا!!!

إِذاً: ليسَ أَمامَك إِلَّا طَريقينِ اِثنينِ فَقَط لا ثالِثَ لَهُما مُطلَقَاً:

– إِمَّا أَنْ تُقِرَّ أَنت بأَنَّ الكتابَ الّذي بين أَيدينا اليومَ وَ قيلَ عنهُ أَنَّهُ كتابُ اللهِ وَ اِسمُهُ القُرآنُ الكريمُ هُوَ ليسَ كتابُ اللهِ، وَ بالتالي: لن يكونَ اللهُ متكَبِّراً، وَ آنذاكَ سيكونُ لِكُلِّ حادثةٍ حديثٌ يتعلّقُ بحيثيَّاتها، وَ أَوَّلُ هذهِ الحوادِثِ هُوَ: وجوبُ عَدمِ أَخذنا بشيءٍ وردَ ذِكرُهُ في هذا الكِتابِ؛ لأَنَّ ما فيهِ قَد أَصبحَ مُجرَّدَ أَقاويلٍ قيلَ عنها أَنَّها نزلتْ مِنَ اللهِ وَ ما هيَ كذلكَ، وَ إِنَّما هيَ محلُّ نظرٍ وَ تأَمُّلٍ وَ تحقيقٍ وَ تدقيقٍ، وَ حتَّى هذا التحقيقُ وَ التدقيقُ سيكونُ محلُّ شكٍّ لا محلّ يقينٍ، وَ ما بُنيَ على شكٍّ يَكونُ مَشكوكاً فيهِ أَيضاً، فلاحِظ وَ تبصَّر وَ تدبَّر!!

– وَ إِِمَّا أَنْ تُقِرَّ أَنت بأَنَّ الِكتابَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ هُوَ بالفعلِ كتابُ اللهُ الّذي اِسمُهُ القُرآنُ الكريم، وَ كُلُّ ما فيهِ مُنزلٌ مِنَ اللهِ جُملةً وَ تفصيلاً، وَ بذلكَ تكونُ أَنت قَد أَقمت الْحُجَّةَ على نفسكِ بوجوبِ انتهاجِ سلوكيّات المنطق العقليّ الصحيحِ الّذي يوجِبُ التكبُّرَ على الْمُتكبِّرِ، وَ بالتالي: وجوبُ ترك طاعتك الله؛ لأَنَّ اللهَ أَقرَّ بنفسِهِ أَنَّهُ هُوَ الْمُتكبِّرُ، وَ الْمُتكبِّرُ بإِقرارِ اللهِ ذاتهِ مكانهُ في نارِ جهنَّم خالدٌ فيها حتَّى الأَبد، وَ بالتالي: فإِنَّ طاعَةَ أَهلِ النَّارِ تُخالِفُ العقلَ بداهةً، لذلك: توجَّبَ عدم طاعة الله!!!

عَليهِ:

– أَينَ الْحقُّ مِن كُلِّ هذا وَ أَينَ الباطِلُ؟!!!

– هَل مَن عصوا اللهَ هُمُ الْعقلاءُ الّذينَ حصلوا على حقوقهِم وَ استحقاقاتهِم في هذهِ الحياةِ؛ بتكبُّرهم على الْمُتكبِّرِ الّذي هُوَ الله؟!!

– أَم أَنَّ مَن أَطاعوا اللهَ هُم الْجُهلاءُ الّذينَ فقدوا حقوقَهُم وَ استحقاقاتَهُم في هذهِ الحياةِ؛ بعدمِ تكبُّرِهم على الْمُتكبِّرِ الّذي هُوَ الله؟!!!

– فإِنْ كانَ مَن عصوا اللهَ بتكبُّرهم عليهِ هُم على باطلٍ محضٍ؛ فلماذا لَم يُعاقبهم اللهُ عقاباً فوريَّاً عادلاً يردَعُهُم عَن إِيقاعِ ظُلمهم على الآخرينَ؟!! وَ لماذا أَعطاهُم الْقُدرةَ الْمُطلقَةَ على فِعلِ ما يشاؤونَ؟!!

– وَ إِنْ كانَ مَن أَطاعوا الله بعدمِ تكبُّرِهم عليهِ هُم على حقٍّ محضٍ؛ فلماذا لَم يُدافِع عنهُم اللهُ وَ يمنعُ عنهم ظُلمَ الآخرينَ عليهم؟!!! وَ لماذا سلبَ منهُم الْقدرةَ على فعلِ ما أَمرَهُم اللهُ بهِ لأَجلِ تحقيقِ الأَمرِ بالمعروفِ وَ النهيِّ عنِ الْمُنكرِ أَينما يكونونَ؟!!!

وَ هُنا سؤالٌ خَطيرٌ جدَّاً بحاجةٍ منك إِلى إِجابةٍ:

– الـ (مُتكبِّرُ)، هَل مكانهُ خالِدٌ في النَّارِ كَما قالَ اللهُ؟!

فإِنْ كانَ حقَّاً مَكانهُ في النَّارِ، فإِنَّ اللهَ أَيضَاً مكانهُ في النَّارِ؛ لأَنَّ اللهَ أَقرَّ بذاتهِ أَنَّهُ هُوَ الْمُتكبِّرُ، وَ إِنْ لم يكُنِ الْمُتكبِّرُ مكانهُ في النَّارِ، فإِنَّ اللهَ قَد كَذبَ عَلينا، وَ الكاذِبُ تنتفي عَنهُ طاعتهُ مِن قِبلِ الآخرينَ جُملةً وَ تفصيلاً، وَ إِذ أَنَّ العقلَ يُوجبُ على اللهِ أَنْ يكونَ صادِقاً، إِذاً: فإِنَّ الكَذِبَ لا يَقَعُ على اللهِ، إِنَّما يقعُ على الّذين ابتدعوا الكلامَ الموجودَ طيَّ الكتابِ الّذي بين أَيدينا اليومَ وَ أَدَّعوا أَنَّهُ هُوَ القُرآنُ الكريم؛ وَ إِنَّما هُوَ كلامٌ ادَّعاهُ كهنةُ المعابدِ وَ سُفهاءُ الدِّينِ على اللهِ كذباً وَ زوراً وَ بُهتاناً؛ ليخدعوننا بهِ، فنبقى تحتَ سلطتهِم الجائرة بذريعةِ أَنَّ الكَلامَ هذا هوَ كَلامُ اللهِ، وَ كانَ ادِّعاؤهم هذا قَد جرى مُنذُ قرونٍ عديدَةٍ مَضَتْ دُونَ أَن يتنبَّهَ لَهُ الفُقهاءُ الأَبرارُ رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ في شتَّى الطوائفِ أَيَّاً كانت ابتداءً من تلكَ اللحظةِ وَ حتَّى يومِنا هذا)، وَ إِذا افترضنا هذا حقيقةً، فلماذا يصمتُ اللهُ عن هذا الكذبِ طوالَ هذه القرونِ وَ لا يُدافِعُ على الأَقلِّ عَن نفسهِ هُوَ تجاهَ الكَذِبِ الموجَّهِ إِليه؟!!!

فإِنْ قالَ قائلٌ:

– أَنَّ العبارةَ سالفَةَ الذِكرِ (التكبُّرُ على الْمُتكبِّرِ عِبادَةٌ) ليستَ صحيحةً، وَ أَنَّ المنطقَ العَقلائيَّ الصحيحَ هُوَ عَدمُ التكبُّرِ على الْمُتكبِّرِ، بل وجوبُ طاعَةُ الْمُتكبِّرِ وَ مُجاراتهِ..

فأَقولُ جواباً:

– إِذاً، توجَّب عَلينا (بطبيعةِ الحالِ) أَنْ نُطيعَ كُلَّ كَهنةِ المعابدِ وَ أَدعياءِ الدّين وَ سُفهائهِ وَ الْحُكّامِ الظالمينَ الجائرينَ وَ كُلَّ فاسِقٍ وَ طاغٍ وَ شِرِّيرٍ مِن أَشرارٍ صِغارٍ كانوا أَو كِباراً؛ وَ أَنْ نكونَ جَميعُنا تحتَ قيادَةِ وَ إِمرَةِ هؤلاءِ الطُغاةِ الجائرينَ وَ نقاتِلَ كُلَّ الأَنبياءِ وَ الأَولياءِ وَ الصَّالحينَ وَ الموحِّدينَ وَ الموحِّداتِ وَ المؤمنينَ وَ المؤمناتِ أَينما كانوا؛ لأَنَّ هؤلاءِ الخيِّرونَ وَ الخيِّراتُ يَقفونَ ضِدَّ الْمُتكبِّرينَ، وَ الْمنطقُ العَقلائيُّ وِفقاً لِما يقولُهُ هذا القائِلُ يوجِبُ طاعَةَ الْمتكبِّرينَ لا عِصيانهُم، بل يُوجِبُ التكبُّرَ على الْمُتكبِّرِ عَليهِم، وَ هؤلاءِ الّذين تكبَّروا عَليهِم هُم هؤلاءِ الخيِّرونَ وَ الخيِّرات!!!

– فهل هذا هُو الصوابُ برأَيك أَنت؟!!!!

أُريدُ منك جواباً منطقيَّاً بالأَدلّةِ الدامغةِ الَّتي لا تقبلُ الشكَّ مُطلَقَاً، وَ إِيَّاك أَن تصفني بالإِلحادِ أَو ما هُوَ على غِرارهِ؛ إِن كانَ الإِلحادُ وَ ما على غِرارهِ يجعلُني مُميَّزاً عَن جميعِ المنافقينَ وَ المنافقات وَ يؤكِّدُ للعالمِ أَجمَعٍ إِنسانيِّتي وَ حُريَّتي في التفكيرِ وَ الاختيارِ، فأَهلاً وَ سهلاً بهِ، لأَنَّني لستُ عَبداً لمخلوقٍ أَيَّاً كانَ، وَ ما أَنا إِلّا عابدٌ مِن عبادِ اللهِ، وَ لِكلِّ مَن يُحاولُ سلبَ حريِّتي هذهِ أُذكِّرُهُ بقولِ الصحابيِّ الْجَليلِ الفاروقِ عُمرَ بنَ الخطّاب (عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفداءُ):

– “متى اِستعبدَّتم النَّاسَ وَ قَد ولدتهُم أُمهاتُهُم أَحراراً؟!!!”..

ثُمَّ أَقولُ لِكُلِّ مَن يحاوِلُ سلبَ حُريِّتي:

– إِمَّا أَن تُجيبَني (تُجيبينني) جواباً منطقيَّاً مُدعماً بالدليلِ وَ البُرهانِ كَما أَمرَ اللهُ بذلكَ في القُرآنِ الكَريمِ بقولهِ: {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.. [القرآن الكريم: سورة البقرة/ آخر الآية (111)]، فتُخبرُني (تُخبرينني): الـ (مُتكبِّرُ)، هَل مكانهُ خالِدٌ في النَّارِ كما قالَ اللهُ؟!

– أَو: ضَع (ي) في فمك حَجراً وَ لتصمُت (ي) حَتَّى الأَبد.

وَ للحديثِ بَقيَّةٌ تأَتيك في محلِّهِ لاحِقاً إِن شاءَ اللهُ تعالى.

– {قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}.

[القرآن الكريم: سورة المائدة/ آخر الآية (104)].

بالحُبِّ يحيا الإِنسان.

تعليقات الفيسبوك
الرابط المختصر :

أضف رأيك و شاركنا بتعليقك

الإنضمام للجروب
صفحات نتابعها
الأكثر قراءة
مختارات عالم الفن
شخصيات عامة