تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ❤️

السادية والمازوخية فى الأدب العربى والعالمى

السادية والمازوخية فى الأدب العربى والعالمى

بقلم د. طــارق رضــوان

تحدثت فى مقالى السابق ” الجنـــس المــرفــوض والجنس المقبـــول فى أدبنا العربـــى والعالــمى – بين العمل الإيروسى والعمل الإباحى) عن ظاهرة الجنس فى الأدب وكان من الواضح وجود فريقين من الأدباء . ويلخص هذا قول الناقد الأدبي حسين حمودة: يجب أن نفرق بين الروايات التي تعالج موضوعات مثل الجنس لكي تكشف جانبا مهما في حياة البشر، وأخرى تتناول تجربة الجنس والخمور والمخدرات، بطريقة تبحث عن الرواج أو الانتشار. وأشار إلى أن النقطة الحاسمة في التمييز بين هذه الروايات وتلك ترتبط بجدية الروائيين والروائيات، ونبل مقاصدهم الذي يعد جزءا أساسيا من الإبداع الحقيقي.
الأدبُ نار مقدّسة، لكنّها نارٌ لا تمتدّ لتُحرقَ سوى النّساء اللاّت تجرأن على فضّ بكارةِ النصّ بأقلامهنّ المتمرّدة، إن تحدثّن عن الجنس..
وكلا من “فرويد”ومن قبله “إيبنج” أكدا على أن السادية ناتجة من حدوث تشويه للعنصر العدواني في الشخصية الذكرية منذ الطفولة، بينما كانا ينظران إلى المازوخية بوصفها انحرافًا هامًا وأكبر من السادية، ومخالفًا لطبيعة النشاط الذكوري الجنسي؛ كلاهما أيضًا كانا ينظران إلى السادية بوصفها فعل ذكوري بحت، في حين اعتبرا المازوخية فعلًا أنثويًا، رغم تأكيدهما على وجود الحالتين في العنصرين الجنسيين. بينما يقول إريك فروم، تبعًا لمقال لد. إمام عبد الفتاح أمام، أن النزعات السادومازوخية موجودة عند البشر بدرجات متفاوتة في الأشخاص الأسوياء والمنحرفين علي حد سواء. والعامل الخفي في هذه العلاقة هو تبعية كل طرف للآخر واعتماده عليه، وأن الشخص السادي يعتمد على المازوخي لتحقيق نشوته، مثلما يعتمد المازوخي عليه، وإن كان السادي يخفي هذا الاعتماد.
مع الحرب العالمية الثانية صار للسادية والمازوخية أماكنها حتى في الأدب المحتفى به نقديًا. وكان من أبرز الأعمال الأدبية التي تناولت الممارستين في الخمسينيات من القرن العشرين رواية “قصة أوه”، “Histoire d’O”، التي كتبتها “آن ديكلوه” تحت اسم مستعار وهو “باولين ريجيه”، وحصلت الرواية على جائزة Prix des DeuxMagots وتم تحويلها إلى أفلام في أعوام 1975، 1984، 2002
ظل درسا دو ساد ومازوخ حاضرين أمام جميع الكُتاب الذين تناولوا السادية والمازوخية. وكتب الماركيز دو ساد، النبيل الفرنسى الشهير رواية “120 يومًا في سدوم”، والذي تسببت فضائحه الحياتية ودعواته للحرية الجنسية المطلقة في إلقائه في المصحات النفسية والسجون التي ظل نزيلًا بها حتى توفى عام 1814
وكان مازوخ يتمتع بشهرة كبيرة في حياته، الشهرة التي جعلته مفضلا لأدباء كبار مثل فيكتور هوجو. شهرته وكتابته عن مشاعر غير معتاد التصريح بها في هذا العصر، جعلت الطبيب النفسي الألماني ريتشارد إيبينج يستخدم اسمه في وصف “المازوخية”، رغم اعتراض مازوخ على التسمية التي التصقت به إلى الأبد.
وفي عام 1870 يحكي لنا الأديب النمساوي “ليوبولد فون زاخر مازوخ” قصة رجل حلم بالإلهة فينوس مثلما رسمها الفنان الإيطالي تيتيان في لوحة “فينوس أمام المرآة”، عارية ولا ترتدي سوى الفراء، يحدثها في حلمه عن الحب، وعن تصوره للعلاقات العاطفية.
وكانت الروايات تُنشر باسم ثنائي دائمًا – المؤلف والرسام – مثل روايتي “ضربات سوط” (1908) و”الجولة الأوروبية لضارب الكرباج” للورد بريشجورد، وكانت رسوم الأولى لـ “ليون روز” والثانية لـ “فوستي”، ونلاحظ أن جميع الأسماء هنا مستعارة.
ورغم قبول الممارسات التي كانت تُعتبر منحرفة في الماضي، مما يوحي بأن جمهور قراء الروايات ومشاهدي الأفلام اعتاد على هذه النوعية ولم يعد يشعر بالصدمة حيالها، إلا أن رواية مثل “خمسون ظلا من جراي” التي كتبتها الروائية البريطانية “إي. إل. جيمس” كانت بمثابة حدث عندما ظهرت عام 2011وتربعت الرواية على قائمة أكثر الكتب مبيعًا حول العالم، بحجم مبيعات وصل إلى أكثر من 100 مليون نسخة عالميًا، مما يشير إلى درجة تقبل المجتمع الآن للسادومازوخية وتعبيراتها، ورغم انتقاد العديد من الجمهور للعنف فيها، بالإضافة إلى وصفها بأنها رواية تعظم من استغلال المرأة واستخدام العنف ضدها، إلا أن آخرين أجزموا برومانسيتها
المازوخية تحديدًا كان لها مساحتها الكبيرة في الأدب العربي. بالعودة إلى الشعر القديم نجد الكثير من التجليات المازوخية لدى الشعراء، وإن لم تكن بشكل جنسي مباشر، يمكن تلمس ذلك في قصائد يقول قيس بن الملوح يقول: “لو خلط السم الزعاف بريقها، تمصصت منه نهلة ورويت”.
اتسمت أيضًا العديد من الأغاني العربية الكلاسيكية بتعبيرات مازوخية، يغني محمد عبد الوهاب بكلمات حسين السيد: “علشان الشوك اللي في الورد بحب الورد واستنى جرحه وتعذيبه”، أو غناء أم كلثوم بكلمات أحمد رامي: “عِزّة جمالك فين من غير ذليل يهواك، وتجيب خضوعى منين ولوعتى فى هواك”.
في حين ظهرت المازوخية الجنسية بشكل عابر في الأفلام المصرية، مثل فيلمي “شفيقة ومتولي” (1978) و”درب الهوى” (1983).
أما في الرواية العربية فيمكن تلمس الممارسات السادية والمازوخية في روايات معدودة، مثل رواية “إيثاكا”، على مستوى آخر نُشرت على الإنترنت روايات مكتوبة بالعربية، لا يصرح كتابها عن أسمائهم (مثلما كان يفعل أدباء نهاية القرن 19 وبداية القرن 20) من بينها روايات مثل “مديحة” و “جعلوني عاهرة” ورواية “بيت الطالبات”

تعليقات الفيسبوك
الرابط المختصر :

أضف رأيك و شاركنا بتعليقك

الإنضمام للجروب
صفحات نتابعها
الأكثر قراءة
مختارات عالم الفن
شخصيات عامة