تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ❤️

هل تعلم خطورة الكلمه على الفرد والجماعه ؟

هل تعلم خطورة الكلمه على الفرد والجماعه ؟

 

بقلم / محمد الدكرورى

نسمع فى هذه الأيام كثير من الكلام والذى يعد خطرا على المجتمع وقد يعود بالسلب على الفرد والجماعه وأصب الخوف من كلام الناس، ظاهرة اجتماعية متفشية في المجتمع، تربى عليها الصغير، وشاب عليها الكبير، وأصبحت هاجسا لدى كثير من الناس، ويُحسب لها ألف حساب، فأثرت سلبا على حياة كثير من الناس، فأثنت عزائم المجتهدين، وأوقعت البعض في ارتكاب الإثم المبين.

والخوف من كلام الناس قضية اهتم بها الدين وضبطها، فهل الخوف من كلام الناس كله ممدوح أم مذموم؟ فيجب أن نعلم أن كلام الناس له تأثير عجيب على النفوس، قد يثني العزائم، ويعيق المسلم عن تحقيق الاستقامة في حياته، إلا أن له بعض الفوائد في منع المسلم من اقتراف ما لا يليق.

ولقد أمرنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بترك الشبهات وأماكن الريبة خوفا من الوقوع في كلام الناس، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ” إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ”، ومعنى ” اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ”: أي صان عرضه من أن يتكلمَ الناسُ فيه ..

ولذلك عندما كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ذات يوم معتكفا في العشر الأواخر من رمضان في مسجده زارته ليلا أم المؤمنين صفية، ثم َقَامَ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا ليوصلها، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ، مَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ”، فَقَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ..

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا “، فالنبي صلى الله عليه وسلم دفع عن نفسه الريبة وكلام الناس عنه، ولعله فعل ذلك أيضا شَفَقَة عَلَيْهِمَا لأَنَّهُمَا لَوْ ظَنَّا بِهِ ظَنَّ سُوء كَفَرَا، فَبَادَرَ إِلَى إِعْلامهمَا بأنها زوجته لِئَلاَّ يَهْلِكَا.

لذلك من رؤي مع زوجته في خلوة مريبة فرآه بعض أصحابه عليه أن يخبره بأنها زوجته لئلا يسيء الظن به فيتكلم الناس في عرضه ، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع أحيانا عن فعل بعض الأشياء خوفا من كلام الناس، ولكن معظم خوفه صلى الله عليه وسلم كان لصالح الدعوة الإسلامية.

فقد روى جَابِرُ بن عبد اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ “أي ضرب رجل ” مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: “مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ”؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: ” دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ”، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عبد اللَّهِ بن أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا! أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ” دَعْهُ لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ” متفق عليه.

فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين خوفا أن يتحدث الناس في مجالسهم، بأن محمدا يقتل أصحابه، فيمتنعون عن الدخول في الإسلام.

وذات يوم جاءت امرأة من قُضَاعَةَ تُدعى أمُ كبشة: فاستأذنت النبيَ صلى الله عليه وسلم أن تغزو معه، فقال لها: (لا)، فقالت: يا رسول الله إني أداوي الجريح، وأقوم على المريض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اجلسي، لا يتحدثُ الناسُ أنَّ محمدًا يغزو بامرأةٍ ” أخرجه ابن سعد وصححه الألباني.

فمنع مشاركتها في الغزو خوفا أن يعيره المشركون.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين يأمر الناس بأمر أو ينهاهم عنه، يحرص أن يكون أهل بيته أول من يعمل بذلك؛ ليكون هو وأهلُ بيته أسوة للجميع، فلا يترك ثغرة للمنافقين كي يتكلموا فيه أو في أهل بيته.

ونعلم جميعا بأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان زاهدا ويأمر أهله بالزهد، فذات يوم رأى ابنته فاطمة رضي الله عنها لابسة سلسلة من ذهب أهداها لها زوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: ” يا فاطمةُ أيسُرُّك أن يقولَ الناسُ فاطمةُ بنتُ محمدٍ في يدِها سلسلةٌ من نارٍ” ؟ فخرج ولم يقعدْ فعمدتْ فاطمةُ إلى السِّلسلةِ فباعتْها فاشترت بها نسَمةً فأعتقَتْها، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: الحمدُ لله الذي نجَّى فاطمةَ من النارِ” رواه الحاكم والنسائي.

والخوف من أن يتكلم الناس فيك قد يكون ممدوحا إذا كان هذا الخوف يمنعك من الوقوع في أمور ينبذها عرف الناس وتقاليد المجتمع، ليس لحرمتها وإنما لكونها لا توافق الذوق العام، كمثل الذي يمتنع عن الخروج إلى الشارع بسراويله الداخلية، أو يمتنع من مضغ العلك في مجلس عام، خوفا من أن يتكلم الناس فيه فيسخروا منه ونحو ذلك.

لذلك ينبغي للمسلم أن يسعى لحفظ عرضه وأن يبتعد عن كل ما يشينه ويعرضه لطعن الناس وغيبتهم ، ومن امتنع من الوقوع في أمر محرم أو منهيٍ عنه، خوفا من كلام الناس عليه، فهو لن يثاب على تركه لهذا المنكر؛ لأنه لم يتركه من أجل الله تعالى، وإنما تركه خوفا من كلام الناس أو لمكانته الاجتماعية، فالمرأة التي تمتنع عن التبرج خوفا من بطش زوجها أو انتقاد أهلها ومجتمعها لها، لن تثاب على تركها لهذا التبرج، لأنها لم تتركه لله عز وجل، فتخسر بذلك أجرا كبيرا..

وقد قال صلى الله عليه وسلم “يَقُولُ اللَّهُ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ ” رواه البخاري.

ومن فعل طاعة خوفا من انتقاد الناس له، فضحه الله تعالى يوم القيامة، فالذي يصلي مثلا خوفا من أن يتكلم الناس عليه، سيفضحه الله تعالى يوم لقيامة حينما يجعل ظهره طبقة واحدة فلا يستطيع السجود حين يؤمر الناس بالسجود، قال النبى صلى الله عليه وسلم ” فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ فَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً ( أي اتقاء لكلام الناس عليه) إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ ” رواه مسلم.

ويكونُ الخوف من كلام الناس مذموما إذا منعك عن فعل الخير واضطرك إلى ارتكاب المنهيات أو المكروهات، وهذا ما يكثر في حياة الناس اليوم، فهم لا يستجيبون لكثير من أوامر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إما اتباعا للهوى، أو خوفا من كلام الناس وانتقادهم، وكلا الأمران لن يقيا العبد من عذاب الله.

وترى بعض الناس يبالغون في الإسراف في ولائم الزواج، ولو سألت أحدهم عن سبب إسرافه أو تبذيره، لوجدت أنه الخوف من كلام الناس؛ الخوف أن ينتقدوه أو يعيروه بأنه لم يؤدي واجب الضيافة، ولكنه لم يخف من بغض الله للمسرفين حيث يقول الله عز وجل ” وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ” ..

ولنا عبرة في أبي طالب عم النبي الذي امتنع عن دخول الإسلام رغم معرفته بالحق؛ خوفا أن تعيره العرب، قال له النبي صلى الله عليه وسلم ” قلْ: لا إلَهَ إلاَّ اللَّه، أشْهَدْ لَكَ بِها يومَ القيامةِ “، قال: لولا أن تعيِّرَني قريشٌ، يقولون: إنَّما حملَهُ على ذلِكَ الجزَعُ لأقررتُ بِها عينَكَ، رواه مسلم.

فخاف من كلام الناس وانتقادهم فهل نفعوه؟ فلنعلم جميعا أن الذي يترك ما يحبه الله تعالى من أجل الناس، ويرتكب ما يغضب الله سبحانه خوفا من ألسنة الناس، أن هؤلاء الناس لن ينفعوك بشيء، فلن يدخلوا معك قبرك، ولن يثقلوا ميزان حسناتك، ولن يمسكوا بيدك للمرور على الصراط يوم القيامة، فاحرص على ما ينفعك، ودع الناس وكلامهم إن كان يصدك عن طاعة الله عز وجل…

تعليقات الفيسبوك
الرابط المختصر :

أضف رأيك و شاركنا بتعليقك

الإنضمام للجروب
صفحات نتابعها
الأكثر قراءة
مختارات عالم الفن
شخصيات عامة